سورة الفرقان - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الفرقان)


        


{انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ} بينوا {لَكَ الأمثال} الأشباه أي قالوا فيك تلك الأقوال واخترعوا لك تلك الصفات والأحوال من المفتري والمملي عليه والمسحور {فُضّلُواْ} عن الحق {فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً} فلا يجدون طريقاً إليه.
{تَبَارَكَ الذى إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مّن ذلك جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً} أي تكاثر خير الذي إن شاء وهب لك في الدنيا خيراً مما قالوا، وهو أن يعجل لك مثل ما وعدك في الآخرة من الجنات والقصور. و{جنات} بدل من {خيرا}، {ويجعل} بالرفع: مكي وشامي وأبو بكر لأن الشرط إذا وقع ماضياً جاز في جزائه الجزم والرفع {بَلْ كَذَّبُواْ بالساعة} عطف على ما حكى عنهم يقول: بل أتوا بأعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة، أو متصل بما يليه كأنه قال: بل كذبوا بالساعة فكيف يلتفتون إلى هذا الجواب وكيف يصدقون بتعجيل مثل ما وعدك في الآخرة وهم لا يؤمنون بها؟ {وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بالساعة سَعِيراً} وهيأنا للمكذبين بها ناراً شديدة في الاستعار.
{إِذَا رَأَتْهُمْ} أي النار أي قابلتهم {مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} أي إذا كانت منهم بمرأى الناظرين في البعد {سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} أي سمعوا صوت غليانها وشبه ذلك بصوت المتغيظ والزافر، أو إذا رأتهم زبانيتها تغيظوا وزفروا غضباً على الكفار.


{وإِذَا أُلْقُواْ مِنْهَا} من النار {مَكَاناً ضَيّقاً} {ضيقاً} مكي فإن الكرب مع الضيق كما أن الروح مع السعة ولذا وصفت الجنة بأن عرضها السماوات والأرض. وعن ابن عباس رضي الله عنها أنه يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح {مُقْرِنِينَ} أي وهم مع ذلك الضيق مسلسلون مقرّنون في السلاسل قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال، أو يقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة وفي أرجلهم الأصفاد {دَعَوْاْ هُنَالِكَ} حينئذ {ثُبُوراً} هلاكاً أي قالوا واثبوراه أي تعال يا ثبور فهذا حينك فيقال لهم {لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُوراً واحدا وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً} أي إنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحداً إنما هو ثبور كثير {قُلْ أذلك خَيْرٌ} أي المذكور من صفة النار خير {أَمْ جَنَّةُ الخلد التى وَعِدَ المتقون} أي وعدها فالراجع إلى الموصول محذوف، وإنما قال: {أذلك خير}، ولا خير في النار توبيخاً للكفار {كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء} ثواباً {وَمَصِيراً} مرجعاً. وإنما قيل {كانت} لأن ما وعد الله كأنه كان لتحققه أو كان ذلك مكتوباً في اللوح قبل أن خلقهم {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءونَ} أي ما يشاؤونه {خالدين} حال من الضمير في {يشاؤون} والضمير في {كان} ل {ما يشاؤون} {على رَبّكَ وَعْداً} أي موعوداً {مَّسْئُولاً} مطلوباً أو حقيقاً أن يسأل أو قد سأله المؤمنون والملائكة في دعواتهم {رَبَّنَا وَءاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ} [آل عمران: 194] {رَبَّنَا ءاتِنَا فِى الدنيا حَسَنَةً وَفِي الآخرة حَسَنَةً} [البقرة: 201] {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جنات عَدْنٍ التى وَعَدْتَّهُمْ}


{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ} للبعث عند الجمهور وبالياء: مكي ويزيد ويعقوب وحفص.
{وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} يريد المعبودين من الملائكة والمسيح وعزير. وعن الكلبي يعني الأصنام ينطقها الله. وقيل: عام وما يتناول العقلاء وغيرهم لأنه أريد به الوصف كأنه قيل ومعبوديهم {فَيَقُولُ} وبالنون شامي {ءأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هَؤُلاَء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السبيل} والقياس ضلوا عن السبيل إلا أنهم تركوا الجار كما تركوه في هداه الطريق والأصل إلى الطريق أو للطريق. وضل مطاوع أضله والمعنى أأنتم أوقعتموهم في الضلال عن طريق الحق بإدخال الشبه أم هم ضلوا عنه بأنفسهم؟ وإنما لم يقل (أأضللتم عبادي هؤلاء أم ضلوا السبيل) وزيد (أنتم) و{هم} لأن السؤال ليس عن الفعل ووجوده لأنه لولا وجوده لما توجه هذا العتاب، وإنما هو عن متوليه فلا بد من ذكره وإيلائه حرف الاستفهام ليعلم أنه المسؤول عنه. وفائدة سؤالهم مع علمه تعالى بالمسؤول عنه أن يجيبوا بما أجابوا به حتى يبكت عبدتهم بتكذيبهم إياهم فتزيد حسرتهم {قَالُواْ سبحانك} تعجب منهم مما قيل لهم وقصدوا به تنزيهه عن الأنداد وأن يكون له نبي أو ملك أو غيرهما نداً. ثم قالوا {مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء} أي ما كان يصح لنا ولا يستقيم أن نتولى أحداً دونك فكيف يصح لنا أن نحمل غيرنا على أن يتولونا دونك؟ {نتخذ} يزيد. و(اتخذ) يتعدى إلى مفعول واحد نحو (اتخذ ولياً) وإلى مفعولين نحو (اتخذ فلاناً ولياً) قال الله تعالى: {أَمِ اتخذوا الِهَةً مّنَ الأرض} [الأنبياء: 21] {اتخذ الله إبراهيم خَلِيلاً} [النساء: 125] فالقراءة الأولى لواحد وهو من أولياء والأصل أن تتخذ أولياء وزيدت {من} التأكيد معنى النفي، والقراءة الثانية في المتعدي إلى المفعولين فالمفعول الأول ما بني له الفعل والثاني من أولياء و{من} للتبعيض أي لا نتخذ بعض أولياء لأن من لا تزاد في المفعول الثاني بل في الأول تقول (ما اتخذت من أحد ولياً) ولا تقول (ما اتخذت أحداً من ولي) {ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَءابَاءهُمْ} بالأموال والأولاد. وطول العمر والسلامة من العذاب {حتى نَسُواْ الذكر} أي ذكر الله والإيمان به والقرآن والشرائع {وَكَانُواْ} عند الله {قَوْماً بُوراً} أي هلكى جمع بائر كعائذ وعوذ ثم يقال للكفار بطريق الخطاب عدولاً عن الغيبة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8